رأى الفيلسوف اليوناني (أرسطو طاليس 384- 322 ق . م) ، الجمال بطريقة متقدمة نحو الحياة والطبيعة ، فهي نظرة قائمة على الفعل الجمالي السائر الى الأمام نحو الأنسان وطبيعته البشرية ، وليس الى عالم المثل والصور في عالمها العلوي كما هي عند (أفلاطون) ، فإذا أستعرضنا رؤية (أرسطو) للجمال فإنه يشير الى النشأة الواقعية من خلال نتاج فني يحاكي الواقع وليس ما هو خارج حدوده المنظورة ، أو خارج حدود العقل البشري ، فالجمال والجميل لديه هما ما يؤديان الى النشأة السليمة حسب اعتقاده ، وليس الى ما هو خارج عنها ،و” كانت القدرة البشرية (على الصنعة) تحاكي الطبيعة ، فمن الواضح أن غائية منتجات القدرة البشرية أمر يعتمد على الطبيعة . ويصح لنا أن نقول : إنَّ كل ما ينشأ نشأة سليمة إنما ينشأ من أجل هدف (معين) . فكل ما يؤدي الى شيء جميل قد نشأ نشأة صحيحة ، وكل ما ينشأ ، أو قد تم نشوؤه بالفعل ينتج شيئاً جميلاً حين تتم العملية بصورة سوية . أما ما يشذ عن الطبيعة فهو رديء ومضاد لما يوافق الطبيعة . وهكذا تتم النشأة السوية المطابقة للطبيعة لأجل تحقيق هدف معين ” (1). إنَّ الطبيعة من وجهة نظر (أرسطو) هي المانحة للتصورات والادراكات الجمالية ، وكأنه يرى أن نتاجات الفنون الجميلة تقع ضمن دائرة الطبيعة والتصورات لها ، التي يشكلها العقل البشري في داخل تكويناته الذهنية لهذه الطبيعة ، أي أن بدون هذا التواصل معها لا يستطيع الأنسان أن ينتج أي شيء جميل . وفي خطوة أكثر وضوحاً لاحتياجات العقل البشري الجمالي للطبيعة وما تقدمه للإنسان من متطلبات الوضوح والرؤية الجمالية كون المعطى الجمالي يأخذ من ركائز البناء في الطبيعة معايير في أنتاج سمات العمل الفني ، أي أن النشأة السليمة في حد ذاتها معيار للجمال في تناسبها وتناسقها ، فكل شيء سليم النشأة صحيح الهيئة يعطينا ميزة للجمال ويحقق الهدف المعين منه .والجمال يكتمل عندما يمارس مساحته في التكامل والتناسق مع معطياته في كل أجزاء العمل ذاته ، والنشأة السليمة هي من يستلمها العقل عن طريق الرؤية المتكاملة التي تؤدي بالمشاهد الى منحى جمالي من خلال الاكتمال الذي يؤدي الى الجودة والى تحقيق الهدف المرجو منه في اكتمال كلياته بتناسب جزئياته ، فالجمال الأرسطي ” لم يخرج عن حكم العقل إذ جعل للفنان دوراً يقوم به وهو استخلاص الكليات من الجزئيات ، فالجميل متعلق بعالم من المعاني وهو يمثل الحقيقة الكلية الناتجة عن المشاهدات الجزئية ، لذلك فالفن الرفيع لا يقوم إلا على الأبداع والخلق يوصلنا الى المتعة الراقية وهو تجسيد للكلي الذي يسعى اليه كل فنان أصيل ” (2).إنَّ الطبيعة والعقل عند (أرسطو) هما الدائرة التي من خلالهما ينتج الجمال ، وهذه الثنائية ركز عليها في جعل النتاج الجمالي قابل للإدراك والتصور ، فالجمال في طبيعته هو عملية تشاركيه بين الأثنين ، على الرغم من أن أدوارهما قد تختلف من أنواع الفنون الى أخرى ، أي أن بعض أنواع الفنون يكون للعقل دور فيها أكثر من الطبيعة ، فيقتصر دور الطبيعة فيها على أعطاء شكل المواضيع ،بينما يقوم العقل ببلورة هذه المواضيع الى نتاجات فنية أكثر تقدماً ، أي أن الطبيعة في هذه المواضيع لا تقدم أكثر مما هو موجود ،لذا يأتي دور العقل لتطويرها وإنتاج ما هو أكثر تقدما لها متفوقاً بذلك على الطبيعة من حيث أكمال نقصها ، بينما في مجال آخر يكون دور العقل مكملاً فقط للمواضيع في الطبيعة ، وهو ليس سد نقص فيها ، أو غير ذلك ، لكنها تكون مواضيع خارج مقدرة العقل لذلك فهو يحاكيها حتى يصل الى جمالها . في المثال الأول قد نجد في العديد من القصائد الشعرية ،أو الملحمية تفوق العقل على الطبيعة ، بينما في المثال الثاني نجد أن فن الرسم في حالات معينة يحاكي فيها الطبيعة من الممكن أن تتفوق عليه الطبيعة بواقعيتها ، مما يحاول العقل البشري أن يرتقي الى جمالها ، وعمليات التماثل والتناسب والترتيب تسهم في عملية ردم التفوق بين الطبيعة والعقل فيخرج العمل الفني نتيجة التعاضد بينهما في نتاج جمالي يبهج النفس البشرية . ويرى (أرسطو) أن ” الجمال هو التماثل ، وتناسب ، والترتيب العضوي للأجزاء في كلٍ مترابط إنه تصور يسرنا أنه يتفق مع (تعاون الجزء مع الكل ) ” (3) ، فالسرور مبني على أساس الاتفاق بين الأجزاء التي تشكل الكليات المتناسقة والمرتبة التي تعكس التماثل في تكوين الصورة الكلية للعمل الفني على وفق المعطى الجمالي .
إنَّ من المصطلحات المهمة أيضاً التي ركز عليها (أرسطو) في الوصول الى مفهوم الجمال هو مفهوم المحاكاة ، والذي يعد مفهوماً أساسياً . والمحاكاة لديه لها أسلوبها وأنواعها وطبيعتها ، وبحسب فلسفته الجمالية ، فإن المحاكاة الأرسطية هي مختصة بالفنون الجميلة ، وينظر الى الجمال ” على أنه محاكاة جميلة لأي موضوع حتى لو كان مؤلماً ورديئاً ، واختار الأنسان موضوعاً للمحاكاة في الشعر والتراجيديا ، ولا يعني (أرسطو) في المحاكاة تقليداً حرفياً ، بل يكمل مالم تستطيع الطبيعة عمله ، فيحاكي أبداعها بما يبدعه من أشياء وموضوعات جديدة ” (4)، فالمحاكاة الأرسطية ليست نقل الواقع ، أو الطبيعة كما هي دون أضافات، بل هي ما تزيد تلبية الحساسية الجمالية لدى المحاكي ، فالفنان قد يعجبه جزء من الطبيعة فيحاول أن يحاكيه ، لكن هذه المحاكاة تبقى ناقصة من حيث الابداع ، فالأبداع هو الإضافة التي يحققها الفنان من وراء هذا العمل الفني ، فالفنان هنا يقع ما بين مزدوجين ، وينبغي من خلالهما الخروج عن المألوف في التقليد والنقل . هو ليس بناقل للطبيعة بقدر ما يريد أن يضيف أشياء يعتقد أنها تجمّل الطبيعة وتطور المدركات المعرفية والجمالية لدى المتذوق ، وهنا تصبح الإضافات أكثر مصداقية لمفهوم (أرسطو) عن المحاكاة . فهي أبداع وإضافة موضوعات جديدة الى أبداع الطبيعة ذاتها ” وعلى هذا النحو يتضح لنا أن محاكاة الفن للطبيعة لا يعني ما يبدو لأول وهلة من أن الفن هو نقل من الطبيعة الظاهرة ، أو محاكاة حرفية للواقع المحسوس ، فأرسطو هنا لا يختلف عن (أفلاطون) في رفض النزعة الطبيعية ، أو الواقعية التي تتجه الى تصوير الواقع (…) حيث أنه يطالب الفنان بإن يحقق الصورة المثالية الكاملة في عمله ، ومن هنا يمكن أن يقال أيضاً أن الفن يطور عمل الطبيعة ويحسنه ، لأنه يساعد الطبيعة على تحقيق الصورة الكاملة في الوجود ويتمم ما فيها من نقص مشاهد ” (5)يعتقده الفنان أن الطبيعة بوجود هذا النقص لا تكتمل في ذهن المشاهد والمتأمل لها .وعمل الفنان في إنتاج فن واع يعطي للطبيعة منظوراً عقلياً أبعد من الأنسان العادي الذي لا يشاهد هذا النقص . ويقصد (أرسطو) بالنقص ، ليس بنقص عن قدرة المبدع الأعلى في الإنتاج ، وإلا هذا يضاف في العمل الفني هو موجود بالأصل في أماكن أخرى لم تصل اليها عين الفنان متوفرة في الطبيعة في ما يخص هذه الإضافات ، ولكن الأنسان بطبيعته يعمل على إنتاج صور جديدة في هذه الطبيعة حتى يقضي على عامل الملل الذي لا يجعل المتلقي في تأمل كامل في حالة التقليد الحرفي للأشياء ، مما يكسر عامل التكرار في المشاهدات للطبيعة الذي يولد بناء آفاق آخرى للمكان الذي حاول الفنان أضافة أشياء جديدة اليه ، فلابدّ من كسر هذا الملل والجمود بالتغيير المستمر للطبيعة ، ومن أدوات هذا التغيير الفن الذي يضفي صفة الجمال من أجل الوصول الى اللذة التي يبحث عنها البشر في الحياة . ويصبح دور الفنان في صنع الجمال دوراً كبيراً يكاد يكون مواز للجمال ذاته في الطبيعة ذاتها .
إنَّ للمحاكاة عامل وسيط في تدوين سمة الجمال ، كون الفنان الذي يحاكي الجمال في الطبيعة يعتمد بصورة أولية على استنباط الجمال من الطبيعة ، ومن ثم تدوينه في العمل الفني الذي يقوم بتشكيله من خلال المادة التي تميز النوع في الفنون ، وحسب طريقة التدوين الذي يقوم به ، فالمحاكاة هي أداة مهمة يمكن للفنان أن يوظفها في صنع الجمال المستنبط عن الطبيعة من جهة ، ومن جهة أخرى يوظف الاضافات التي فكر فيها في العمل الفني ، وهذه الإضافات هي من تعطي للفنان حق في تطوير ما يريده من أشياء في الطبيعة داخل العمل الفني .
إذن ، فالفن عند ” (أرسطو) هو محاكاة للطبيعة وهذه المحاكاة هي مادة الفن لأنها مادة كل تجربة بين الأنسان وبيئته ، فالفنون العظيمة هي التي تؤثر على العقل والمشاعر فتؤدي الى السرور العقلي ويكون الإحساس باللذة ، أو المتعة الناجمة عن هذه الفنون بمثابة متعة التفكير الفلسفي” (6)، فمن هذه المتعة المتحققة للفكر والنفس في الوقت ذاته ، يكون الجمال ليس فقط متعة عقلية بل حسية أيضاً . ولو كان متعة عقلية فقط ، أو ما ينتج عن وصول الشخص الى المتعة الروحية من خلال عالم عقلي روحي، لكانت المحاكاة هنا أفلاطونية بحتة ، لكن (أرسطو) لديه المتعة تشمل كلا الجانبين العقلي والحسي معاً ، كون أن النفس متعتها من خلال ما يتحقق من الإحساس الأولي الذي يلتقط بالحواس للمعطى الجمالي الأولي المنبثق من الطبيعة ، أو من محاكاة الطبيعة ، فالنفس عند (أرسطو) هي ما يرتبط منها بالفكر من ناحية ، وبالبدن من ناحية أخرى ، والجمال مرتبط بالنفس من حيث الحس والفكر معاً ، لأنها متشكلة من هذين الجانبين ،إذ ” يبدو أن النفس في معظم الحالات لا تفعل ولا تنفعل بغير البدن : مثل الغضب ، والشجاعة ، والنزوع ، وعلى وجه العموم الإحساس . وإذا كان هناك فعل يخص النفس بوجه خاص فهو التفكير . ولكن إذا كان هذا الفعل نوعاً من التخيل ، أو لا ينفصل عن التخيل ،فإن الفكر لا يمكن أن يوجد كذلك بدون البدن ” (7). إنَّ الإحساس والتفكير والتخيل كلها مرتبطة بالنفس من خلال البدن . والجمال لدى (أرسطو) مرتبط بالنفس البشرية من جهة المفاهيم الثلاثة .
إذن ، لا يوجد جمال بدون فكر ولا بدن بدون إحساس ، ولا بعيد عن التخيل العامل المهم الذي من خلاله يضيف الفنان ما يريده للعمل الفني من خارج حدود المشاهدة الحسية للطبيعة . فالجمال الأرسطي في مفهومه الاشتغالي مرتبط من حيث الوجود بالإحساس والفكر ، وكلاهما يتشكل بهما مفهوم الجمال في الوجود الإنساني عند (أرسطو) ، فلا وجود للجمال بدون هذه المفاهيم التي يعتمد عليها الطرح الأرسطوطالي في فهم أنتاج الجمال في الفنون الجميلة ، ففي الإحساس ينتقل الفنان بالتعامل مع المادة من الطبيعة الى الفكر ، وفي الخيال يحاول أن يضفي على هذه المادة الجمال الذي هو خارج حدود الطبيعة ، ولكن أي طبيعة يقصدها (أرسطو) ، هي الطبيعة المباشرة للعيان في لحظة ما ، وليس كل الطبيعة كمفهوم عام ، أي أن الموضوع المباشر المراد محاكاته من قبل الفنان ويضيف اليه من خياله ، وهذا الموضوع الطبيعي المباشر هو بحاجة الى تعديل ، أو أضافة ، ويأتي دور الفنان من خلال هذه الدائرة الجمالية التي يقدمها الفنان في عمله الفني الذي يختلف بوسائل محاكاته من فن الى آخر ، أي ” أن وسائل المحاكاة تختلف فتختلف تبعاً لطبيعة الفن المستخدم ، فقد تستخدم المحاكاة الألوان والرسم كما في الفنون التشكيلية ، أو يستخدم الصوت كما في الموسيقى ، أو الايقاع (Rythm) كما هو الحال في فن الرقص ، ويستخدم الإيقاع والنغم ، أو الانسجام (Harmony) كما في الموسيقى الآلية كموسيقى الناي ، أو قد يستخدم اللغة كما في محاورات (افلاطون) وقد تستخدم اللغة والإيقاع كما في الشعر الغنائي والملحمي ، أو تستخدم الوسائل الثلاث اللغة والإيقاع والنغم كما في فن التراجيديا ” (8) ، لكل فن من أنواع الفنون وسيلة من الوسائل تنسجم معه حين تطبيقها في الفن المتوافق معها. والنفس هي أساس في كل فن ومحاكاته ، ومدى تأثيرها في النفس للوصول الى اللذة المنشودة ، فمثلاً نلاحظ أن (أرسطو) يعد الموسيقى من الفنون المهمة بالنسبة لفن المحاكاة القريبة للنفس والتربية وللناشئة ، فهي تحقق المستوى الأعلى التي تطمح له النفس في المحاكاة ، فالموسيقى يصفها (أرسطو) “بأنها أقدر الفنون على تحقيق المحاكاة . ولكي نفهم مقصده من هذه العبارة يجدر بنا أن نفسر ما يعنيه بالمحاكاة هنا فهو أقرب الى التعبير عن حالات النفس وانفعالاتها . فهو يقول : إننا نجد الموسيقى والشعر أحسن محاكاة طبيعية لحالات النفس من غضب وليونة ، أو شجاعة ، أو أتزان ، أو نقائضها ، وهذا واضح بالتجربة لأننا نحس آثارها في انفسنا ” (9). وعندما يعطي (أرسطو) مساحة كافية للموسيقى والشعر في عملية المحاكاة ، فإنه يرى بإن الموسيقى تتعامل مع عالم النفس المجرد ، والإحساس الذي يرتفع بهذه النفس الى مستويات من الرفعة والرقي ، كون الموسيقى هي من الفنون التي تجذب الأنفس لعذوبتها ولذتها الروحية التي تضفي على الأنسان البهجة والسعادة من دون أن يكون هنالك وسيط يحاول أن يقرب النفس البشرية اليها . فالأنغام هي الأقدر على خلق الانسجام بينها وبين النفس البشرية .
كذلك فإن (أرسطو) قد وضع لفنون الشعر أهمية خاصة في المحاكاة من خلال تأليف كتاب حمل أسم (فن الشعر) ، والذي تناول فيه المحاكاة ، التي يرى فيها اختلاف بين فنون الشعر ذاته ، كما في محاكاة الفضيلة والرذيلة ، وكلها تعود للنفس البشرية ، فهو يرى الآتي :” ولما كان المحاكون إنما يحاكون أفعالاً أصحابها هم بالضرورة أما أخيار أو أشرار ، لأن اختلاف الأخلاق يكاد ينحصر في هاتين الطبقتين ،إذ تختلف أخلاق الناس جميعاً بالرذيلة والفضيلة – فإن (الشعراء) يحاكون :إما من هم أفضل منا ، أو أسوأ ، أو مساوون لنا، شأنهم شأن الرسامين ، فأن (فولو غنوطس) مثلاً كان يصور الناس خيراً من واقع حالهم ، و(فوسون) أسوأ مما هم عليه ، و(ديونيسوس) كما في الواقع . فمن البين إذن أن كل نوع من المحاكيات التي تحدثنا عنها بنفس الفوارق ويختلف كما قلنا بأختلاف الموضوعات” (10) التي يراد محاكاتها من قبل الرسامين الثلاثة الذي بين لنا (أرسطو) في كتاب (فن الشعر) . إنَّ هذه المحاكاة هي من تعطي لطبيعة الموضوع حقه في تناول طبيعة الشيء المحاكي ، أو الفعل المحاكي ، على أعتبار أن المحاكاة الشعرية تناولت أنواع معينة من المحاكاة الشعرية ، وبين فيها الاختلاف ،أو الفروقات حسب ما يأتي : (الوسائل ، والموضوعات ، والطريقة ) . يرى (أرسطو) الشعر بصورة عامة أنه قائم على وفق المعطيات العامة لسببين : هما المحاكاة وهي غريزة انسانية تظهر منذ الطفولة عند الأنسان ، وكذلك اللذة . والمحاكاة واللذة اللاتي يؤطران الفعل البشري ونفسه الباحثة عن الجمال ، أنتجت عند الشعراء طبائع ارتبطت بطبيعة وشكل الفعل المحاكاتي الذي يقدمونه في نتاجاتهم الشعرية ، فأصحاب النفوس النبيلة يحاكون الفعل النبيل ، وأصحاب النفوس الخسيسة يحاكون الأفعال الدنيئة ، فأنشأوا الأهاجي ، ونوع آخر أنشأوا الأناشيد والمدائح .(11) ومن خلال طبائع الشعراء والموضوعات وطريقة المحاكاة وأساليبها ، نشأت كل من المأساة وهي محاكاة فعل نبيل تام ، أي محاكاة أصحاب النفوس النبيلة ، والملهاة التي تحاكي أراذل الناس ، كما قدمت القصائد التي تحاكي البطولة وأخرى تحاكي مواضيع أقل من ذلك وحسب طابع المحاكاة عند (أرسطو).
الهوامش
1. أرسطو : دعوة للفلسفة ، شرح وتعليق : د. عبد الغفار مكاوي ، بيروت : دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع ، ب، ت ، ص37.
2. د. غادة المقدم عذره : فلسفة النظريات الجمالية ، بيروت :جروس برس، 1996، ص61، ص62.
3. ول ديورانت : مباهج الفلسفة ، الكتاب الأول ، ترجمة : أحمد فؤاد الأهواني ، القاهرة : المركز القومي للترجمة ، 2015، ص285.
4. د. أنصاف جميل الربضي : علم الجمال بين الفلسفة والأبداع ، عمان : دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، 1995، ص30.
5. د . أميرة حلمي مطر : الفلسفة اليونانية ، تاريخها ومشكلاتها ، القاهرة : دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع ، 1998، ص336.
6. الدكتورة غادة المقدم عذره : المصدر نفسه ، ص61.
7. أرسطو طاليس : كتاب النفس ، ترجمة : أحمد فؤاد الأهواني ، القاهرة : المركز القومي للترجمة ، 2015، ص6.
8. د . أميرة حلمي مطر : الفلسفة اليونانية ، المصدر نفسه ، ص337،ص338.
9. نفسه ، ص341.
10. ارسطو طاليس : فن الشعر ، ترجمة : عبد الرحمن بدوي ، بيروت : دار الثقافة ، 1973، ص8.
11. ينظر : نفسه، ص10- ص13.