الكسيس دو توكفيل والفكر الكولونيالي الفرنسي  أ.د محمد كريم الساعدي

        ولد الفيلسوف الفرنسي (الكسيس دو توكفيل ) عام (1805) في باريس وتوفي عام (1859) في مدينة (كان) الفرنسية عن عمر يناهز (53) سنة ، كان (توكفيل ) من الذين آمنوا بفكرة التدرج بالانتقال من الملكية إلى نظام آخر دون انقلابات، كون هذه الخطوة  تعد الأمل الوحيد الأستقرار بلاده فرنسا في ظل تدهور السيادة الفرنسية في حدود حكمها على البلاد الأخرى ومنها الدول التي تقع في جنوب فرنسا .

     كان (توكفيل) ينظر إلى طريقة الحكم باعتبارها طريقة حكم مستبدة لا تأتي  بتفويض من الشعب ، أو من الدستور الفرنسي القائم آنذاك ، وقد توج هذا النضال من أجل أفكاره من خلال تأليف كتابه (النظام القديم والثورة ) الذي صدر عام (1856) بجزئه الأول ، ولكن نالته المنية ولم يكمل الإصدار الثاني في هذا المجال.

    قدم (دو تكفيل) عدد من المؤلفات التي شرح من خلالها فلسفته ومنها كتاب (الديمقراطية في أمريكا) وكتاب (السفر إلى الجزائر) وغيرها من المؤلفات التي توضح العقلية التي أنطلق منها (دو توكفيل)، فهو من جهة كان يدعو إلى الانتقال التدريجي الثوري في بلاده فرنسا بعدما أصبحت أعمدة الثورة عالية وتزحزح النظام الملكي القديم ، إذ توضحت أفكاره من خلال صراعه بين ما كان يرغب فيه وما كان يدعو إليه ، أي ما بين داخل فرنسا والدعوة إلى نظام أصلاحي ، وفي خارج فرنسا ، فكانت أفكار تميل إلى نظام مختلف يؤيد فيه السياسة البريطانية في التعامل مع الشعوب ، وخاصة الشعوب التي وقعت تحت الأستعمار الفرنسي.

 وتتضح أهم ملامح فلسفته السياسية في التعامل بين الداخل والخارج الفرنسي وهي كالآتي : 

  1.  كان يدعو في نظرته للسياسة الداخلية من خلال “الشرط اللازم لممارسة السياسة بالشكل الصحيح ، كان يأمل في تحقيق نوع من الاستقرار في الحياة السياسية الفرنسية والذي من شأنه أن يسمح بالنمو المطرد للحرية دون أي عوائق بسبب التذبذبات المنتظمة لفوضى التغيير الثوري”( ويكبيديا : الكسيس دو توكفيل) ، أي أنه كان يدعو في الداخل الفرنسي الى الاستقرار في الحياة السياسية من خلال العمل على التغيير المصاحب للحرية ، والابتعاد عن كل ما هو غير منتظم ومزحزح للنظام في أطره الديمقراطية التي قد تكون مشكلة حقيقية قد تؤدي بالنظام الديمقراطي في فرنسا إلى منزلقات خطيرة ، لذا حارب تحركات (نابليون بونابرت) التي أتصفت بالعمل على إنهاء كل ما أتى به من مظاهر تخص الانقلاب على الحكم في فرنسا.
  2. أما في الشأن الخارجي فقد عمل على أن يبحث عن نظام مغاير لطريقة التعامل مع الشعوب التي وقعت تحت الحكم الفرنسي واستعمارها ، وبالأخص (الجزائر) ، والذي إستلهم من خلال سفره إلى الدول الاستعمارية ومنها بريطانيا العظمى ليستفيد من الطريقة الكولونيالية في التعامل مع مستعمراتها ، وتكمن هذه الطريقة على أبعاد  فكرة الدمج الثقافي كما فعلته فرنسا مع الجزائر ، بل اعتمدت على نظام تعامل خاص غير مباشر لا يدعو إلى الدمج بقدر ما يدعو الى وضع مسافة ثقافية بين ثقافة المستعمر البريطاني وثقافة الشعوب التي وقع عليها الاستعمار ، حتى تبقى الشعوب الأخرى في بحث مستمر عن التقليد للثقافة المستعمرة الحاكمة على مقدرات الشعوب ثقافياً .

    وقد شكّل (دو توكفيل) أفكاره هذه من خلال سفره ما بين عامي (1841 و1846) إلى الجزائر، والتي الهمته في تأليف كتابه (السفر إلى الجزائر)، ” الذي انتقد من خلاله النموذج الفرنسي للاستعمار القائم على أساس الاستيعاب الثقافي، مفضلًا بدلًا من ذلك النموذج البريطاني للحكم غير المباشر الذي تجنب مزج السكان المختلفين معًا. لقد ذهب إلى حد الدعوة بشكل علني إلى العزل العنصري بين المستعمرين الأوروبيين والعرب من خلال تطبيق نظامين تشريعيين مختلفين (قبل نصف قرن من تطبيق قانون الأهالي لعام 1881 القائم على أساس الدين)”(ويكبيديا: الكسيس دو توكفيل).

      إنَّ ما قدمه (دو توكفيل) من أفكار تميزت بطريقة التعامل الداخلي في فلسفته السياسية ، وبين ما يريد تطبيقه على فكره الكولونيالي الداعي الى أسقاط تجارب انتقائية من تجارب استعمارية أخرى هو أخذ فيها عدد من النقاط التي حذر منها في التعامل مع مثل هكذا مواقف ، من حيث كونه معارض لسلطة (نابليون) التي قد تسوق البلاد الى ما لا يحمد عقباه بسبب سياساتها الداخلية والخارجية ، ومن أهمها محاولة التحديث التي أراد أدخلها على الشعوب المستعمرة ومنها (مصر) ، وكذلك تعامله الداخلي مع طبيعة الثورة في الداخل الفرنسي ، وعودة الى النقاط التي حذر منها (الكسيس دو توكفيل )وهي ما يأتي:

  1. في حالة التداخل الثقافي بين الشعوب المستعمِرة والمستعَمرة سيكون هناك خطر التغيرات التي يدخلها الجانب الأدنى ثقافة الى الجانب الأعلى ، و( دو توكفيل) يعد الثقافة الفرنسية هي الأرقى من الثقافات الأخرى ، مما قد يؤدي الى بزوغ ثقافات أخرى هجينة ، وكما حصل مع الثقافات الأدنى.
  2. عملية عدم العزل الثقافي بين الشعوب وخاصة الأوروبية والعربية ، هي من تعطي مجال الى تكوين وعي معرفي عند الشعوب الساعية الى التحرر والتغيير والمقاومة ، في ظل الحكم الفرنسي غير مستقر في هذه الفترة نتيجة للداخل الفرنسي وما يمر به من تداعيات سياسية وغيرها .
  3. السيطرة التي لا تأتي من خلال القوة وتسمح للآخر الغريب التسلل إلى ساحتها سيجعلها في عرضة للتدخل بصورة غير مباشرة من أجل تغيير سياساتها في الداخل مما ينعكس على سيطرتها في الخارج على مستعمراتها في أطارها الكولونيالي الداعي الى إضفاء الثقافة الكولونيالية في الخارج المستعَمر .

    

        ولد الفيلسوف الفرنسي (الكسيس دو توكفيل ) عام (1805) في باريس وتوفي عام (1859) في مدينة (كان) الفرنسية عن عمر يناهز (53) سنة ، كان (توكفيل ) من الذين آمنوا بفكرة التدرج بالانتقال من الملكية إلى نظام آخر دون انقلابات، كون هذه الخطوة  تعد الأمل الوحيد الأستقرار بلاده فرنسا في ظل تدهور السيادة الفرنسية في حدود حكمها على البلاد الأخرى ومنها الدول التي تقع في جنوب فرنسا .

     كان (توكفيل) ينظر إلى طريقة الحكم باعتبارها طريقة حكم مستبدة لا تأتي  بتفويض من الشعب ، أو من الدستور الفرنسي القائم آنذاك ، وقد توج هذا النضال من أجل أفكاره من خلال تأليف كتابه (النظام القديم والثورة ) الذي صدر عام (1856) بجزئه الأول ، ولكن نالته المنية ولم يكمل الإصدار الثاني في هذا المجال.

    قدم (دو تكفيل) عدد من المؤلفات التي شرح من خلالها فلسفته ومنها كتاب (الديمقراطية في أمريكا) وكتاب (السفر إلى الجزائر) وغيرها من المؤلفات التي توضح العقلية التي أنطلق منها (دو توكفيل)، فهو من جهة كان يدعو إلى الانتقال التدريجي الثوري في بلاده فرنسا بعدما أصبحت أعمدة الثورة عالية وتزحزح النظام الملكي القديم ، إذ توضحت أفكاره من خلال صراعه بين ما كان يرغب فيه وما كان يدعو إليه ، أي ما بين داخل فرنسا والدعوة إلى نظام أصلاحي ، وفي خارج فرنسا ، فكانت أفكار تميل إلى نظام مختلف يؤيد فيه السياسة البريطانية في التعامل مع الشعوب ، وخاصة الشعوب التي وقعت تحت الأستعمار الفرنسي.

 وتتضح أهم ملامح فلسفته السياسية في التعامل بين الداخل والخارج الفرنسي وهي كالآتي : 

  1.  كان يدعو في نظرته للسياسة الداخلية من خلال “الشرط اللازم لممارسة السياسة بالشكل الصحيح ، كان يأمل في تحقيق نوع من الاستقرار في الحياة السياسية الفرنسية والذي من شأنه أن يسمح بالنمو المطرد للحرية دون أي عوائق بسبب التذبذبات المنتظمة لفوضى التغيير الثوري”( ويكبيديا : الكسيس دو توكفيل) ، أي أنه كان يدعو في الداخل الفرنسي الى الاستقرار في الحياة السياسية من خلال العمل على التغيير المصاحب للحرية ، والابتعاد عن كل ما هو غير منتظم ومزحزح للنظام في أطره الديمقراطية التي قد تكون مشكلة حقيقية قد تؤدي بالنظام الديمقراطي في فرنسا إلى منزلقات خطيرة ، لذا حارب تحركات (نابليون بونابرت) التي أتصفت بالعمل على إنهاء كل ما أتى به من مظاهر تخص الانقلاب على الحكم في فرنسا.
  2. أما في الشأن الخارجي فقد عمل على أن يبحث عن نظام مغاير لطريقة التعامل مع الشعوب التي وقعت تحت الحكم الفرنسي واستعمارها ، وبالأخص (الجزائر) ، والذي إستلهم من خلال سفره إلى الدول الاستعمارية ومنها بريطانيا العظمى ليستفيد من الطريقة الكولونيالية في التعامل مع مستعمراتها ، وتكمن هذه الطريقة على أبعاد  فكرة الدمج الثقافي كما فعلته فرنسا مع الجزائر ، بل اعتمدت على نظام تعامل خاص غير مباشر لا يدعو إلى الدمج بقدر ما يدعو الى وضع مسافة ثقافية بين ثقافة المستعمر البريطاني وثقافة الشعوب التي وقع عليها الاستعمار ، حتى تبقى الشعوب الأخرى في بحث مستمر عن التقليد للثقافة المستعمرة الحاكمة على مقدرات الشعوب ثقافياً .

    وقد شكّل (دو توكفيل) أفكاره هذه من خلال سفره ما بين عامي (1841 و1846) إلى الجزائر، والتي الهمته في تأليف كتابه (السفر إلى الجزائر)، ” الذي انتقد من خلاله النموذج الفرنسي للاستعمار القائم على أساس الاستيعاب الثقافي، مفضلًا بدلًا من ذلك النموذج البريطاني للحكم غير المباشر الذي تجنب مزج السكان المختلفين معًا. لقد ذهب إلى حد الدعوة بشكل علني إلى العزل العنصري بين المستعمرين الأوروبيين والعرب من خلال تطبيق نظامين تشريعيين مختلفين (قبل نصف قرن من تطبيق قانون الأهالي لعام 1881 القائم على أساس الدين)”(ويكبيديا: الكسيس دو توكفيل).

      إنَّ ما قدمه (دو توكفيل) من أفكار تميزت بطريقة التعامل الداخلي في فلسفته السياسية ، وبين ما يريد تطبيقه على فكره الكولونيالي الداعي الى أسقاط تجارب انتقائية من تجارب استعمارية أخرى هو أخذ فيها عدد من النقاط التي حذر منها في التعامل مع مثل هكذا مواقف ، من حيث كونه معارض لسلطة (نابليون) التي قد تسوق البلاد الى ما لا يحمد عقباه بسبب سياساتها الداخلية والخارجية ، ومن أهمها محاولة التحديث التي أراد أدخلها على الشعوب المستعمرة ومنها (مصر) ، وكذلك تعامله الداخلي مع طبيعة الثورة في الداخل الفرنسي ، وعودة الى النقاط التي حذر منها (الكسيس دو توكفيل )وهي ما يأتي:

  1. في حالة التداخل الثقافي بين الشعوب المستعمِرة والمستعَمرة سيكون هناك خطر التغيرات التي يدخلها الجانب الأدنى ثقافة الى الجانب الأعلى ، و( دو توكفيل) يعد الثقافة الفرنسية هي الأرقى من الثقافات الأخرى ، مما قد يؤدي الى بزوغ ثقافات أخرى هجينة ، وكما حصل مع الثقافات الأدنى.
  2. عملية عدم العزل الثقافي بين الشعوب وخاصة الأوروبية والعربية ، هي من تعطي مجال الى تكوين وعي معرفي عند الشعوب الساعية الى التحرر والتغيير والمقاومة ، في ظل الحكم الفرنسي غير مستقر في هذه الفترة نتيجة للداخل الفرنسي وما يمر به من تداعيات سياسية وغيرها .
  3. السيطرة التي لا تأتي من خلال القوة وتسمح للآخر الغريب التسلل إلى ساحتها سيجعلها في عرضة للتدخل بصورة غير مباشرة من أجل تغيير سياساتها في الداخل مما ينعكس على سيطرتها في الخارج على مستعمراتها في أطارها الكولونيالي الداعي الى إضفاء الثقافة الكولونيالية في الخارج المستعَمر .

    إنَّ فلسفة (الكسيس دو توكفيل) السياسية هي من جعلته يتأرجح بين فلسفة القيم الكولونيالية والفكر القومي الفرنسي الذي عمل على مبدأ إعلاء شأن التدخل الفرنسي في الخارجي وتناقضه مع الرؤية الداخلية التي تدعو الى الانتقال التدريجي ، بينما في الفكر الكولونيالي يدعو الى العزل الثقافي ، وهذه الافكار تنطلق من فلسفته كولونيالية في أطاره الإستعماري .

إنَّ فلسفة (الكسيس دو توكفيل) السياسية هي من جعلته يتأرجح بين فلسفة القيم الكولونيالية والفكر القومي الفرنسي الذي عمل على مبدأ إعلاء شأن التدخل الفرنسي في الخارجي وتناقضه مع الرؤية الداخلية التي تدعو الى الانتقال التدريجي ، بينما في الفكر الكولونيالي يدعو الى العزل الثقافي ، وهذه الافكار تنطلق من فلسفته كولونيالية في أطاره الإستعماري .

0 Shares

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *