تعد مادة التربية الفنية من المواد الفعالة في بناء شخصية التلميذ في المدارس الابتدائية فهي وجدت كنشاط ذهني وبدني ينمي القدرات الإبداعية لدى المتعلم، وينظم أفكاره في إنتاج أشياء جميلة فريدة ممتعة ومفيدة ، قادرة على بناء الجوانب الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية لديه بما يجعله إنسان مبدع وخلاق في مجتمعه. وتأتي أهمية دراسة فن التمثيل في المؤسسات التعليمية سواء كانت في المعاهد أو الكليات من كون إن الفن أصبح علماً مستقلاً بذاته ويعطى للدارسين في هذه المؤسسات ضمن منهجية محددة تدخل فيها الجوانب النظرية والعملية لكي يستطيع الدارس لهذا العلم الإلمام بكافة جوانبه فهو لم يعد عبارة عن إلهام وثقة عالية بالنفس، أو مهنة حرفية يمكن إتقانها بواسطة الممارسة، بل هو علم يمكن تلقينه وظواهر يمكن دراستها من خلال إدراك أجزاء عملية إعداد الممثل لنفسه وإعداد الممثل للدور حيث نرى تجارب متعددة ودراسات تفصيلية يمكن من خلالها تلقين هذا العلم الذي بدأت المؤسسات والمعاهد والكليات تنظر إلى الطريقة التي يجب أن يطبق فيها هذا الاختصاص على اعتبار إن فن التمثيل له فوائد متعددة يمكن الاستفادة منها في خلق جيل قادر على تقديم الأفضل للمجتمع ومن هذه الفوائد التي يقدمها لنا فن التمثيل هي :
1. يدخل التسلية والسرور، ويملأ أوقات الفراغ بشيء ممتع ومفيد ويشيع جو الفرح .
2. يثير تفكير الإنسان .
3. المسرح مدرسة فهو وسيلة تثقيفية وتهذيب وتربية وخلق أبعاد فكرية وإثارة تساؤلات خلاقة .
4. يعطي التمثيل للممثل قدرة في التعبير عن نفسه وبأسلوب واضح ومعبر .
5. يدفع إلى فهم النص وأبعاده مما ينمي عند الممثل الفهم والشعور .
6. يعطي الممثل القدرة على مواجهة الجماهير وبأسلوب هادئ ومسيطر .
7. يساعد الممثل على إكمال شخصيته ونضجها .
8. يعود الممثل والفرد على العمل ضمن فرق، وما يتطلب ذلك من تعاون وفهم وحسن معاملة وفي الوقت ذاته يعلمه الحفاظ على قدرته على الإبداع الخاص ضمن جماعة يتعاون معها وضرورة كل هذا لإنجاح العمل مما يلزم الفرد في حياته الاجتماعية .
9. يعوّد الممثل على نطق الحروف من مخارجها الصحيحة.
إن في هذه النقاط فوائد كثيرة للطلبة الدارسين لفن التمثيل منها فوائد نفسية من خلال المتعة والتسلية التي تخرج الإنسان من ضغوط الحياة اليومية، ومنها فوائد فكرية من خلال طرح التساؤلات عما يشاهد من على خشبة المسرح، وفوائد اجتماعية من خلال ممارسة فعل اجتماعي مع الآخرين، وفوائد تدخل في بناء الشخصية والتخلص من رهبة الجمهور، ففن التمثيل ينمي قدرته على الإلقاء الصحيح من خلال التدريب على كيفية النطق السليم للكلمات والحروف، واستناداً لهذه الفوائد التي يقدمها فن التمثيل للطلبة الدارسين في المؤسسات التعليمية عملت هذه المؤسسات على إعداد الطالب من خلال وضعه في اختبارات ودروس نظرية وعملية ليكون قادر على فهم هذا الفن من أجل الاستفادة من قدراته الذهنية والعضلية والجسدية والحسية ليكون مؤهلاً على استيعاب وإدراك وتجسيد الدور إلى جانب تطوير قدرته على خزن التجارب الحياتية وتوظيفها للتأثير على الناس ضمن الحياة المشتركة لهم.
لقد عملت المؤسسات التعليمية ( المعاهد والكليات ) على وضع أسلوب خاص يستطيع معه الدارس العمل بطريقة سليمة ومنهجية للخروج بأفضل ما يمكن الوصول إليه في فن التمثيل، من خلال إتباع شروط محددة في الاختبار والاختيار والتقديم والدراسة وحساب عدد الطلبة مع عدد الساعات إضافة إلى عدد المحاضرين، لذا لا يمكن أخذ مفردات منهج لا يستوعبها زمن الدراسة وإعطاء ساعات تدريس أو تطبيق قليلة للطالب هذا إلى جانب دراسة مستوى الطالب العلمي والفني والثقافي وإضافة إلى الفترة والقدرة التي يبذلها الطالب من أجل استكمال المنهج كما ينبغي تقسيم العمل إلى عمل صفي ولا صفي وتقسيم الدراسة إلى منهجية وحرّة مع تحديد الساعات التي يحتاجها الطالب ذاتياً لاستكمال معرفته وإن تبرمج الدروس النظرية والتطبيقية وساعات العمل الذاتي أو الحرّ للطالب لكي يؤهل تأهيلاً شامل في مجالات المسرح، ومنها فن التمثيل .
إن دراسة فن التمثيل في المعاهد والكليات اعتمدت على تقسيم مفردات المنهج الذي يأخذه الطالب في سنوات دراسته حيث قسمت هذه المفردات إلى :
أ – نظرية :
1. ما يدرسه من محاضرات على يد الأساتذة من مخرجين أو منظرين مسرحيين .
2. المناقشة وما يتوصل إليه الممثل من خلالها من مفاهيم ومعارف .
3. القراءة والتحضير من مختلف المصادر التي تتوفر عن فن التمثيل كعلم له طرقه ومناهجه أو في اختصاصات المسرح الأخرى والدراسات النظرية في تاريخ المسرح وخشبته وأدب المسرح ونصوصه ومصادر عامة في فلسفة الفن وعلم الجمال .
ب – عملية ( تطبيقية ) :
1. تدريب الممثل على التمثيل بدون نص صامتاً كان أو ارتجالياً .
2. تدريب الممثل على التمثيل مع النص على أن يبدأ الممثل باختيار النصوص الأقرب إلى واقعه وحياته ومعاناته ابتداءاً من النص المحلي وانتهاءاً بالنص الأجنبي في عصوره المختلفة .
3. تمارين عملية في إعداد جسم الممثل وصوته.
لقد ركزت المؤسسات التعليمية في مناهجها لدراسة فن التمثيل على مناهج معدة من خلال لجان مختصة في مجال التمثيل ومن بين هذه المؤسسات التعليمية أقسام التربية الفنية في كليات التربية الأساسية والتي يأخذ البحث عينته منها، فمنهج مادة فن التمثيل التي وضعتها لجنة من الهيئات القطاعية التي تضم أساتذة في مجالات الفنون المسرحية تضمنت سبع فقرات أساسية كل فقرة تتكون من عدد من المفردات وهي كالآتي :
1. تضمنت الفقرة الأولى الجذور التاريخية لفن التمثيل ابتداءاً من الممارسات الأولى في الطقوس الدينية في بلاد وادي الرافدين وبلاد وادي النيل مروراً بالحضارة اليونانية والتي شهدت ولادة فن المسرح وصولاً إلى فن التمثيل عند الرومان والقرون الوسطى والكلاسيكية الجديدة .
2. تتعلق الفقرة الثانية بالاتجاهين البارزين في الحركة المسرحية بصورة عامة والتمثيل بصورة خاصة وهما ( التمثيل الإيهامي ) وخصوصيته عند ستانلافسكي وأهم المدارس المسرحية التي اشتغلت في هذا الاتجاه، و( التمثيل التقديمي ) وخصوصاً عند ( برتولد برشت ) والمدارس المسرحية التي سارت في الاتجاه ذاته .
3. تضمنت الفقرة الثالثة جماليات التمثيل وهي كالآتي ( اللغة، الإلقاء، الحركة، الإيماء ) .
4. وتتعلق الفقرة الرابعة بعلاقة الممثل مع عناصر العرض المسرحي من ديكور وأزياء وإكسسوارات وإضاءة وموسيقى ومؤثرات … الخ .
5. تضمنت الفقرة الخامسة تعامل الممثل مع مناطق التمثيل على خشبة المسرح .
6. وتتعلق هذه الفقرة وهي السادسة بطريقتين من الأداء التمثيلي وهما ( التمثيل الصامت ) و ( الارتجال ) .
7. وتتعلق الفقرة السابعة بمجموعة من التمارين التطبيقية للفقرات السابقة .
أما الوقت المحدد لدراسة هذه المفردات فقد وضع ساعة واحدة للمادة النظرية وساعة واحدة للمادة العملية على أن تدرس هذه المفردات في خمسة عشر أسبوع أي لفصل واحد فقط ( نصف سنة دراسية ) .