صدر كتاب (لماذا الرسول ؟ / الصورة الذاكرة التشويه – ) من دار أفكار للنشر والتوزيع في سوريا ، ودار الفنون والآداب في العراق.( توجد نسخة الكترونية في مكتبة ثاني مكتبة تصنيفا في العالم وهي جامعة ستانفورد كاليفورنيا الأمريكية ) 2019
نبذة مختصرة عن الكتاب
في بدء الكلام ومقدمة الكتاب نطرح تساؤلات نفترض فيها نسق الموضوع، من اجل ان نتواصل مع الموضوع الى ما نصبوا اليه من أفكار حول مسألة الإساءة وقصديتها، والتشويه وأفعاله في المنجز الفكري الفلسفي والأدبي والفني الغربي وقصدية الفكر الذي أنتج مثل هكذا تعميمات على الآخرين الذين عدهم مختلفين ومخالفين في المجالات الحضارية والثقافية المختلفة .
نبدأ هذه التساؤلات بما يأتي :-
- هل ان الإساءة والتشويه وما صدر فيهما في المنتج المعرفي الغربي على مستوى الرسوم الكاريكاتيرية ، أو الأفلام المسيئة بحق الرسول محمد (ص) كانت نتيجة طبيعية لما قام به الفكر القاعدي والداعشي والافكار المتطرفة التي تنتمي لما يسمى بالإسلام السياسي وغيرها ؟ ، أم ان هذا المنتج هو نتيجة طبيعية للأفكار المشوهة التي حفل بها التاريخ الغربي وثقافته القصدية ضد الآخر، التي ملأت ذاكرة مواطنيه بصور حول الآخر وما يمثله من مقاومة فكرية وإنسانية وحضارية للمركزية الغربية ودورها في إخضاع العالم؟.
- وهل لهذه المركزية مبررات تجعل من الأخر تابعاً ويوصف بأوصاف دونية في سجلها التاريخي ، على الرغم من ان الحضارة الغربية كما يزعم البعض صاحبة المساواة والعدالة الاجتماعية؟. وفي ظل هذا التحضر، هل يسمح للقائمين على هذه الحضارة لأنفسهم بأن يثبتوا ويؤكدوا في أنساقهم المختلفة فكرياً وثقافياً واجتماعياً وغيرها، تخلف الآخر المغاير، وجعل هذه المغايرة والانتقاص من المسلمات الثابتة في إحكامهم اتجاه الآخر المختلف في أشكال المعرفة والثقافة والفنون وغيرها ، مما يجعل منها مبررات لإعطائهم الحق في تأكيد الإساءة والتشوية على الآخر؟. أم أن القائمين على الحضارة الغربية استفادوا مما يقدمه الآخر من ثغرات في تاريخه المتأزم وظهور تيارات منافية للشرعية وللقيم الإنسانية ،إذ أنهم عملوا مع هذا الظهور للتيارات السلبية في المجتمعات الشرقية الإسلامية على تثبيت وتأكيد تلك الصور الموهومة بحجة ان هذا هو الوجه الحقيقي للشرق المسلم الذي حذرنا منه في حضارتنا الغربية ؟.
- أليس من المنطق ان تعمل هذه المؤسسة الغربية بإداراتها المختلفة وقوتها المطلقة في المساهمة في تحسين وضع العالم وحجتها الدائمة بأنه يجب على الإنسان ان يعيش بكرامة على وفق قوانينها الحضارية , التي جعلت للإنسان حقوقاً وللحيوان حقوقاً؟ , أم ان هذه الحقوق لا تشمل الآخر ؟ , بل ان عليها فقط جعل المجتمعات الأخرى تابعة لها في المحاكاة والتقليد دون ان تسهم في التغيير نحو الأفضل؟ .
إن هذه التساؤلات في هذا المجال كثيرة ومتعددة ومتشعبة، وكثير من أفراد مجتمعاتنا قد يرى بأن الغرب بريء مما يجري في (ساحاتنا الثورية وشعاراتنا التحررية) وان الموطن العربي والإسلامي كما وصفه بعض مفكري الغرب , هو في الأساس رازح تحت جذور الدكتاتوريات منذ زمن الحضارات الأولى في الشرق ، التي وصفها (هيغل) ، بأن (الروح المطلقة) كانت تعبر عن أصالتها بشكل رمزي في الشرق بسبب ملوكها وفراعنتها ، الذين جعلوا من نفسهم أنصاف آلهة بل ألهه في بعض الأوقات ، إذ انسحب هذا الوصف على قياداتها الحالية ، والبعض يرى بأن هذه الأوصاف مازالت مستمرة حتى بعد التغيير ، والعهدة على من حاول تأكيد الأوصاف التي نعت بها الإسلام ،وإعطاء الحجة لتثبيت النعوت والإساءة ، وإيصاله الى ما نحن عليه من قتل وذبح بأسم (الله اكبر) وراية الرسول محمد (ص) ، حتى يزيد يقين البعض الذي تغريه الصورة دون ان يبحث في القصديات وما تخفيه من نوايا وسلوكيات متقصدة ، يهرول نحو المقولات والنعوت والتشويه والإساءة التي أتى بها الغرب ويعدها صحيحة ، كونها نتيجة للإسلام وفكرهِ المتمثل في الوقت الحاضر بالحركات التي تدعي الجهاد ، والجهاد مع الأسف ليس ضد المحتل الغاصب للأرض العربية ، ولا حتى ضد بعض طواغيت العصر، بل ضد الجماعات والأقليات والطوائف والمذاهب وأبناءها الأبرياء الذين قُتلوا وشُردوا على الهوية كما في العراق وسوريا وليبيا ، وغيرها من شعوب في المنطقة الأوسطية الذين وقعوا بين الفكر المنحرف والنوايا المخفية القادمة من وراء البحار والقارات.
لذلك فأننا نفترض بأن الإساءة والتشويه قصدية الهدف ، من اجل التسويغ للقادم من الأزمان الماضية، وتشتيت لما تبقى من الأوطان ، وتهيئة لنظريات جديدة بعد (النخب الثقافية) و(الشرق الأوسط الجديد والكبير) و(خارطة الطريق) و(الفوضى الخلاقة) و (تقسيم المقسم) ووعود أخرى بعد (سايكس بيكو) و (بلفور) واتفاقات أخرى بعد (مدريد) وغيرها ، الهدف منها ليس تحرير الإنسان ،الشرق أوسطي ، المسلم ، العربي، لأنه يذبح تحت مرأى الدول صاحبة المقعد الدائم ولم تفعل شيء لصالحه ،كما في الصراع على ارض فلسطين ، دون ان تحرك ساكن ، فقط الشجب والاستنكار ، الذي (لا يسمن ولا يغني من جوع) ، والبقاع ملئت بالمهاجرين والمهجرين والنازحين ، الذين قتلهم الجوع والبرد في الشتاء ،والعطش والحر في الصيف ، كأنهم أمام رحلة الموت المستمرة.
ان نظريتنا في هذا الكتاب ، والتي سنحاول أتباع أسسها في الفكر الغربي ، ترى بأن أصول الإساءة والتشويه هي مقدمة للقادم من التغيير، الذي يخفي وراءه من مقصديات التدمير الذاتي للهوية ، ويضع للقادم الانحرافات في داخل الفكر الشرق أوسطي المسلم عن أصالته، وإظهار البديل الثقافي من اجل اعتناقه ، بأنه الأفضل مما نحن فيه . فكلما كانت المصاديق أكثر تطبيقاً -وهي ليست من وضع أصحاب الشأن أنفسهم ، بل من وضع أيدي أخرى- كان الإتباع لها اكبر حجم وأكثر اندماجاً فيها ، وليست القضية ألان حتى نتكلم عن نظرية المؤامرة ، بل هي عقيدة سار عليها الماضون وحصد نتاجها القادمون بعدهم .