وأنا على السرير بعد أن استيقظت من حلم مزعج جداً دفعني
إلى الخروج من عالم أحلامي
إلى واقعي.. وعيناي تنتبهان إلى الفراغ
الذي أمامي وكأنني أردت
أن أخفي أثر الحلم عن جسدي الخائف
محاولاً الهرب إلى الأمام من أجل نسيان لحظات مشاهداتي
حتى كبرت ….
مساحة النظر أمامي بقوة شديدة
وأزداد تركيزي في الفراغ ..
وكادت عيوني تلتصق بعيون أخرى تنظر إلي من أمامي
وكأنها تنتظر ولادة كائن آخر في عوالم أخرى
مزقت عيناي من شدة تركيزي رحم عوالمهم المنفصلة عني
فأصبحت عيناي تشداني إلى ذلك العالم الجديد وكأنهما تسحباني إلى الأمام
حتى رأيت نفسي دون جسدي تخرج إلى ذلك العالم
بصورة تختلف عن قذف رحم الأم لمولودها الجديد
لا عرف في هذه الولادة سوى نفسي
وصوت غريب يخرج من وجه آخر خرج مني
إلى المبحلقين في وجهي وهم يؤدون حركات غريبة
عني .. لا أعرف ما هي ، ومن هم؟.
لكن أفكاري وذاكرتي مازالت تمتلأ بحياتي الواقعية
بينما صورتي جديدة أخرى تختلف عني وبصري الجديد يلاحق عوالمهم
صرخت ليس بفمي ولا بلساني … تكلمت معهم
بلسان آخر خرج من عيني ينطق لغات لا تتطابق مع فهمي
حتى تلاقفتني أطراف أخرى لا أعرف هل هي أيدي بشرية،
أم تشبهها .. وذهبوا بي بلمح البصر إلى مكانات واسعة فيها
أشكال من الصور الهلامية غير واضحة بالنسبة لي…
لكنها غير منفصلة عن دواخلها وخوارجها بشيء
سوى عيون تشبه بالاستخدام عيوننا في قصدياتها نحوي فقط
كل شيء غريب حتى طريقة سير هذه الكائنات .
في أجسامهم أطراف كثيرة لا يوجد شيء يشبههم في واقعي
ولكن هذا المولود الذي في داخلي كبر عندهم بسرعة كبيرة
حتى اعتقدت أن أعمارهم لا تقاس بسنين عمري
لكنها تقاس بمليارات السنين لسرعة نموها في جسدي لديهم.
أو أن الزمن متوقف لديهم ، أو زمنهم ليس كزمننا ..
لا أعرف كيف أعلل ما أشاهده
فهم يعيشون عكسنا تماما
لا شمسنا تؤثر بهم ولا ليلنا يعتم حياتهم
حاولت أن أعود إلى واقعي
لأني لا أستوعب ما أرى وكابوسي الذي هربت منه
فيه ملامح حياتي … كان ككوميديا ممتعة جداً قياساً بما أرى
من ذهول لا تصدقه ذاكرتي وتجاربي المتراكمة .
فمن أكون؟ لا أعرف .. يا ربي أين أنا؟
وحاولت أن أعود … وأعود … محاولات ومحاولات كثيرة
كل شيء في جسدي الواقعي يتحرك ويضرب بكل ما هو حوله
ويحاول أن يمسك بأي شيء في عالمي ..
كأنني غريق في وسط محيط هائج
حتى تذكرت أن يداي لم تتحرك وما يتحرك هو خلايا جسمي
التي تدفعني نحو حياتي التي اشتقت بالعودة إليها
ويداي التي مازالت تمسك بسريري توسلتهما أن تسحباني إلى عالمي
وأستجابة لتوسلي ورجعت نفسي إلى سريري بقوة لا أعرف ما حجمها
تشبه سرعة السقوط من عالم آخر
فرجعت بسرعة فاقت سرعة الصوت
وصراخ وكأني أنزع جلدي عن جسدي
وارتطمت بشي لا أعرفه خلفي
وأصبحت العتمة شديدة حولي وأغمضت عيناي وأصبح
السكون والصمت من حولي وفي داخلي هما الحاكمان
صمت .. سكون .. صمت… سكون ..
سكون .. صمت… سكون .. صمت..
هدوء.
وبعد برهة من الزمن بدأت بمحاولة فتح
عيناي لكن انتابني خوف شديد ورهبة
خوفاً من أن أكون ما زلت
في عالمهم وبعدها سمعت أصوات
خارج جسدي هي قريبة
لأصوات عالم .. وأيقنت بعدها بعد تلمس حواسي لما حولي
إني عدت وفتحت أطراف جفوني وأنا أحاول أن اقنعهما وأرفعهما
بقوة … فالخوف ما زال حاكما بكل شيء بجسدي
ومع إصراري على العودة إلى عالمي وهروبي من عالمهم الغريب
وفي هذه اللحظة لا إرادياً دخل النور من خلال فتحات صغيرة جداً من بين جفوني
وصرخت بقوة مع ترديد أقوال لا أفهمها لشدة فرحي بالعودة
وقلت عدت ومن فرحتي استلقيت على سريري بقوة .. حتى أرتفع معها
جسدي أكثر من مرة إلى أن أستقر على مستوى فراشي
مارست هذا الفعل حتى أشعر بجسمي قد عادت إليه عيناي..
ثم قمت مسرعاً ومهرولاً إلى باحت البيت
وأنا أقبل كل الأشياء في بيتي
فعالمي تأقلمت عليه حتى أنني لا استوعب عالم غيره
وصرخت بصوت عال وأنا أقول لقد رجعت …
بعد برهة من الزمن انتابني صمت غريب
ذاكرتي مشوشة
بين العودة الى عالمي وعالمهم المخبوء في عالمي
بعدها ارتعد جسمي وانزويت في أحدى زوايا بيتي
ووضعت رأسي بين يدي وعيناي عادتا الى الظلمة
حينما تذكرت أن هذا ليس بعالمي الابدي ..
وأن عالمي هو عالم ثالث
لا يشبه عالمهم
ولا عالم الموجودات من حولي.