في مقال الدكتور عمر العلوي حول (الجامعة والعصيان المعرفي في تونس) الذي قدمه في الملتقى السنوي للمعاهد العليا للفنون ، والذي أقيم في المعهد العالي للموسيقى والمسرح في الكاف ، وهذاالبحث منشور ضمن مجلة المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ، تناول فيه رؤيته للبرنامج الجامعي وقضية التفّرد عن الصيغ الغربية التي باتت تقود الجامعات في العالم العربي بشكل مطلق وبمسألة شبه تامة من التبعية لهذه الصيغ ، وإذ يرى الدكتور العلوي أن الجامعة تعد الحلقة العلمية الأكثر تبعية لهذه الصيغ الغربية وخاصة في مجال الفنون فهو يسرد تاريخية هذه التبعية ابتداءً من المسرح الإغريقي ومروراً بشكسبير وصولاً إلى الفترة الحالية ، وهذه القضية بمثابة تكريس البرنامج الكولونيالي الذي أنطلق منذ القرن الخامس عشر ، لذلك ما زالت الجامعات العربية تشكو برامج النزعة الغربية المسيطرة على أنظمتنا التعليمية .

وفي محور البحث تناول الدكتور عمر العلوي للمسألة الكولونيالية ، وقد أستشهد بعدد من المفكرين والاساتذة الجامعيين الذين قدموا رؤى نقدية لهذا المجال من السيطرة الكولونيالية : ومنهم

1- أدوارد سعيد في كتابه الاستشراق /

2- إلان جلبار في كتابها الدراما ما بعد الكولونيالية .

3- د. محمد كريم الساعدي في كتابه الإشكالية الثقافية لخطاب ما بعد الكولونيالية .

وفي الكتاب الثالث الذي يقتبس منه الدكتور العلوي ويعطي أكثر من إشارة لأهمية هذا الكتاب، إذ يرتكز الباحث الدكتور عمر العلوي على عدد من الرؤى والاقتباسات منه ، إذ يرى في هذا المجال الدكتور العلوي إنَّ نقد الساعدي لرؤى المسرح الغربي نقد فيه مجال معرفي ورشاقة في انتقاء الحالات التي تبرز هذا النقد ، ويعطي الدكتور العلوي عدد منها من خلال سرده عن المسرح الغربي في هه الدراسة ، وكما في الاقتباسات ، ومنها الاقتباس غير المباشر الآتي : ( إذ يعد اليوم ما أنجزه أرتو مسرحاً مقاوماً ، وفي الحال أنه كمية من الاستيلاءات غير المنصوص عليها . اليوم لا نعثر على هذه الملامح بل ذوبها أرتو داخل النص الغربي وهذا ما أشار إليه الدكتور محمد كريم الساعدي على نحو من الرشاقة في كتابه الإشكالية الثقافية لخطاب ما بعد الكولونيالية . وهذا المثال نجد ما يوافقه لدى بيكاسو في آنسات أفينيون ، إذ استلهم كل افريقيا وآسيا ، وحين سؤل عن الفن الافريقي استنكر معرفته بذلك ).

وفي سياق مباشر للربط بالموضوع فالباحث الدكتور عمر العلوي يقتبس بشكل غير مباشر أيضاً من كتاب الإشكالية في تناوله للمفكر الأمريكي (هنتنغتون ) ، وممارسة المفكر الغربي لتشكيل النظرية في الصراع على وفق الصيغ الغربية ، فهو يشير إلى ما ذكره الدكتور محمد كريم الساعدي في كتاب الإشكالية من خلال الآتي : ( إنَّ عطيل كمسرحية تجبرنا على الاستنتاج بعدم هذا الاتصال بين الحضارات . إنَّ شكسبير هو التصور الاستباقي لهنتنغتون في كتابه صراع الحضارات . يكتب شكسبير عطيل في 1604، أما صراع الحضارات فقد أنجز في 1993. وهذه المسائل يتم تمريرها كنماذج معيارية داخل الجامعة ، ولكن عن طريق التلاعب بالمحسوس . تشكيل الآلة الحسية للطالب وفق نموذج كولونيالي . وهو ضرب من تنميط التفكير وفق المعيار الكولونيالي . ليس عطيل فحسب ولكن أيضاً العاصفة . أما أرتو هذا الثوري الذي نعجب به كثيراً فقد استحوذ على ثقافة الشرق . لم يكن أرتو يهين الحداثة الغربية ، بل كان يبحث عن خلاص من مأزق الحداثة دون أن يتخلى عنها ) .

ويتناول في موضوع آخر حول فكرة المناهج المعتمدة على وفق الصيغ الغربية والتبعية العربية لها في الجامعات وخاصة في مجال الفنون ، إذ يرى الدكتور عمر العلوي على وفق رؤية الدكتور محمد كريم الساعدي : ( أما تاريخ المسرح فإن التراجيديا هي نموذجنا الأساسي . غير أن التراجيديا لم يتم تفكيك طابعها الكولونيالي ، أي الاستعماري التي قامت عليه إلا مع إدوارد سعيد في الاستشراق وهذا ما نعثر عليه في كتابه الاستشراق حين عاين يوربيدس وأسخيلوس في مسرحية الفرس . أما شكسبير فهو تنويعة من تنويعات الإغريق كما أشارت إلان جلبارت في كتابها الدراما ما بعد الكولونيالية .لقد وظفت ولا زالت القوى الاستعمارية مسرحيات شكسبير للوصول إلى الهدف الذي يتجلى فيه قوة وتفوق الثقافة الغربية ).

إن الدكتور عمر العلوي إذ يشير إلى عدد من المصادر العالمية والعربية التي يضع فيها الدكتور محمد كريم الساعدي من خلال كتابه الإشكالية القافية لخطاب ما بعد الكولونيالية في مقدمتها في الاقتباس المباشر وغير المباشر في كونه من الكتب المهمة التي تناقش قضية الصيغ الكولونيالية وتأثيرها في النظام التعليمي الجامعي في العالم العربي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *